بقلم: رانية مرجية
	
	مقدمة: حين تذوب القوة البشرية أمام عظمة الروح
	
	في كل زمن، يقف الإنسان أمام حدود ضعفه متسائلًا: كيف أواصل؟
	
	تسقط القوة البشرية حين يشتدّ الألم، وتنحني الإرادة أمام قسوة الواقع.
	
	لكن وسط العجز، تتلألأ في الأفق كلمات خالدة كأنها نُسجت من نور ودموع:
	
	
	
	“أستطيع كل شيء في المسيح الذي يقوّيني.” — فيلبي 4:13
	
	ليست هذه الكلمات شعارًا دينيًا، بل حقيقة وجودية تُعيد للإنسان معنى قدرته حين تتحد روحه بالله.
	
	بولس في السجن… حرّية الروح في قيود الجسد
	
	
	كتب الرسول بولس هذه الآية وهو في السجن، محاط بجدران باردة وأغلال ثقيلة.
	
	لكن قيوده لم تُقيد روحه، بل أطلقتها إلى فضاء الحرية الإلهية.
	
	لقد فهم بولس أن القوة لا تُستمد من الجسد، بل من حضور المسيح في القلب.
	
	حين تسكنك النعمة، لا يهم إن كنت في قصر أو في سجن — لأن الحرية حينها ليست مكانًا، بل حالة روح.
	
	
	
	من تلك الزنزانة خرجت رسالة لا يحدّها الزمان، رسالة تقول:
	
	إن الإنسان حين يتّحد بالمسيح، يصبح الألم لغة خلاص، والضعف طريقًا إلى المجد.
	
	من الضعف تُولد القوة
	
	
	الضعف ليس عيبًا، بل بداية الإدراك.
	
	حين يعترف الإنسان بضعفه، يفتح الباب لقوة الله لتسكنه.
	
	القوة التي يعطيها المسيح لا ترفعك فوق البشر، بل ترفعك فوق خوفك.
	
	إنها ليست عنفًا ولا كبرياء، بل طمأنينة عميقة تجعلك تواجه الرياح دون أن تتزعزع.
	
	
	
	“أستطيع كل شيء” لا تعني التفاخر، بل الإيمان بأن ما هو مستحيل في نظرك، ممكن في عينيّ الله.
	الإيمان الذي يتجاوز المنطق
	
	
	منذ فجر التاريخ، كان الإيمان هو الجسر الذي عبر عليه المستحيل.
	
	داود الصغير غلب جليات العملاق، لا بقوة سيف، بل بيقين أن الرب معه.
	
	مريم العذراء قبلت أن تحمل رسالة السماء وهي تعلم أن العالم لن يفهم.
	
	بطرس سار على الماء لأنه صدّق الكلمة التي قالت له: “تعال.”
	
	
	
	كل هؤلاء لم يكونوا خارقين، بل مؤمنين.
	
	وهذا هو جوهر الآية — أن الإيمان يحوّل المستحيل إلى ممكن، والضعف إلى شهادة.
	
	المسيح… سر القوة الهادئة
	
	
	قوة المسيح ليست في صراخ ولا في استعراض، بل في سلامٍ يسكب في القلب الطمأنينة.
	
	إنها قوة تجعل الإنسان يبتسم وهو في العاصفة، لأن قلبه يعرف أن الله يقود المركب.
	
	حين تنهار كل المعايير الأرضية، يهمس المسيح في أعماقك:
	
	
	
	“لا تخف، أنا معك.”
	
	
	عندها، لا يعود الألم خصمًا، بل معلّمًا.
	
	ولا يصبح الخوف سجنًا، بل خطوة نحو حرية أعمق.
	
	خاتمة: كلمة واحدة تكفي لتنهض
	
	
	لو سُئلت البشرية أن تختار آية واحدة لتعيش بها، لربما اختارت هذه.
	
	فيها تختصر حكاية الإنسان مع الله: ضعفٌ يلتقي بالنعمة، وجراحٌ يرويها الرجاء.
	
	هي وعدٌ أن لا شيء يُهزم فينا طالما يسكننا الإله.
	
	
	
	“أستطيع كل شيء في المسيح الذي يقوّيني.”
	ليست جملة تُقال… بل حياة تُعاش، وإيمان يُنقذ العالم من الخوف.
	 
bokra.editor@gmail.com
 
                                             
                 
                 
                 
                 
                 
                 
                 
                 
                 
                 
                 
                
أضف تعليق