في حوار خاص لموقع "بكرا"، تحدّث الدكتور علي عبد الله الهيل، أستاذ العلوم السياسية والإعلام، عن التناقضات العميقة في السياسة الأمريكية تجاه الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، مشيرًا إلى ما وصفه بـ"المعضلة السياسية والأخلاقية والإنسانية" التي تواجهها الولايات المتحدة في هذا الملف، والتي أفقدتها كثيرًا من مصداقيتها أمام العالم.

أمريكا تدّعي قيادة العالم الحر... لكنها لا تتصرف بعدالة

في بداية اللقاء، قال الدكتور الهيل إن الولايات المتحدة الأمريكية تطرح نفسها كقائدة للعالم الحر، وهو ما يفرض عليها – بحسب تعبيره – أن تتعامل بـ"عدالة وإنصاف مع جميع الدول والشعوب".

وأشار إلى أن هذا الدور يفترض ألا يكون قائماً على الانتقائية أو التحيز، بل على المبادئ الإنسانية والحقوقية التي ترفعها كشعارات، وعلى رأسها حقوق الإنسان وحقوق الطفل والمرأة.

انحياز مطلق لإسرائيل... وصمت أمام المأساة الفلسطينية

وتابع الدكتور الهيل حديثه قائلاً: "عندما يتعلق الأمر بإسرائيل، نرى أن الولايات المتحدة تنحاز لها بشكل مطلق. كل الخطاب الأمريكي يدور حول حماية حقوق الإنسان الإسرائيلي، والطفل الإسرائيلي، والمرأة الإسرائيلية، وكأن غيرهم لا وجود له".

وأضاف: "لكن حين ننتقل إلى الطرف الفلسطيني، نجد أن المعايير تنقلب رأسًا على عقب، حيث تتعامل أمريكا بانتقائية مفرطة، وتتناسى شعاراتها التي تروّج لها أمام العالم".

ولفت إلى أن هذا الانحياز ليس جديدًا، بل هو متجذر منذ أكثر من 80 عامًا، لكنه تعزز بشكل صارخ خلال العدوانين الأخيرين على غزة، إلى جانب ما يحدث في الضفة الغربية، القدس، والمسجد الأقصى.

ترامب نموذج صارخ... والأيباك يحكم القرار الأمريكي

وفي سياق حديثه عن الإدارة الأمريكية السابقة، تطرّق الدكتور الهيل إلى دونالد ترامب، واصفًا إياه بأنه قدم "نموذجًا فاضحًا للانحياز"، حيث قال:

"ترامب ذهب إلى حد مخاطبة الأسرى الإسرائيليين، وقال لهم: ‘شو أحوالكم؟ شلونكم؟ وشلون عائلاتكم؟ تأمرون أمر، إحنا حاضرين’. وكأنه يخاطب أبناء وطنه".

وأشار إلى أن هذا الموقف يعكس ما صرح به الرئيس الأمريكي الأسبق ريتشارد نيكسون، حين قال إن الرئيس الأمريكي يخضع بشكل مباشر لتأثير اللوبي الإسرائيلي والإيباك، وأنه "مجرد أداة في يدهم".

لا تعاطف مع الشهداء الفلسطينيين... وكأنهم ليسوا بشرًا

وفي حديثه عن الكارثة الإنسانية في فلسطين، قال الدكتور الهيل: "هناك أكثر من 70,000 شهيد فلسطيني، بينهم 40% من النساء والأطفال، ولم نرَ من الإدارة الأمريكية أي موقف إنساني، لا شجب، لا استنكار، لا حتى كلمة تعاطف".

وأضاف أن هناك ما يقارب 25,000 شخص لا يزالون تحت الأنقاض حتى هذه اللحظة، ومع ذلك، لا توجد أي ردة فعل أمريكية رسمية تعبر عن الحزن أو القلق أو التضامن.

كما أشار إلى أن الأسْرى الفلسطينيين، الذين بلغ عددهم حوالي 14,000 معتقل – من بينهم 440 طفلًا، و1200 امرأة، وعدد من كبار السن – لم يحظوا بأي التفاتة من الإدارات الأمريكية المتعاقبة، وكأنهم "ليسوا بشرًا"، على حد تعبيره.

فقدان للمصداقية... حتى داخل الولايات المتحدة

في ختام حديثه، أكّد الدكتور الهيل أن هذه السياسة الأمريكية أفقدت واشنطن مصداقيتها عالميًا، بل حتى داخل المجتمع الأمريكي نفسه، حيث أشار إلى أن "أكثر من 60 مليون شاب أمريكي، إضافة إلى شرائح واسعة من المجتمع، باتوا يرفضون الرواية الرسمية ويشككون في شعارات حقوق الإنسان التي ترفعها إدارات البيت الأبيض".

وختم بقوله: "هذه هي عناصر المعضلة السياسية، والمعضلة الأخلاقية، والمعضلة الإنسانية التي تواجه الولايات المتحدة الأمريكية في تعاملها مع الفلسطينيين والإسرائيليين".

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
bokra.editor@gmail.com