تشهد محاكمة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تطورات متسارعة، بعد يومين فقط من الدعوة المفاجئة التي وجهها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى رئيس الدولة يتسحاق هرتصوغ لمنحه العفو من القضايا الجنائية التي تلاحقه، في خطوة أثارت عاصفة سياسية وقضائية داخل إسرائيل.


دعوات عاجلة من المحكمة لمسؤولي "الليكود"

ذكرت صحيفة "معاريف" العبرية أن كبار قادة حزب الليكود تلقوا دعوة عاجلة للمثول أمام المحكمة المركزية في القدس، للإدلاء بشهاداتهم في القضايا الجارية ضد نتنياهو.
وقال أحد المسؤولين في الحزب إن "ترامب قال علنًا ما يفكر فيه كثيرون سرًا... حان الوقت ليسمع القضاء أن نتنياهو ليس وحيدًا".

خطاب ترامب في الكنيست يشعل الجدل

تصريحات ترامب المثيرة جاءت خلال خطابه أمام الكنيست يوم الاثنين، حيث توجه إلى هرتصوغ قائلاً:

"لدي فكرة، سيدي الرئيس. لماذا لا تمنحه عفواً؟ السيجار والشمبانيا؟ لا شيء مهم. امنحه عفواً، أنت تعرف كيف تفوز."

تصريحات ترامب، التي قوبلت بالتصفيق من نواب الائتلاف، حولت الحدث الدبلوماسي إلى واحدة من أكثر اللحظات جدلاً في السنوات الأخيرة داخل الكنيست الإسرائيلي.

رد هرتصوغ والموقف الرسمي

ردّ الرئيس هرتصوغ داعيًا إلى "محادثات مكثفة للتوصل إلى تسوية"، لكنه أوضح أن إجراءات العفو تتطلب اعترافًا رسميًا بالذنب وتقديم طلب شخصي من المتهم.
وأشار مقربون من الرئاسة إلى أن هرتصوغ "لا يعارض مبدئيًا" فكرة العفو، شريطة احترام الإجراءات القانونية والمؤسساتية.

توتر بين السلطات الثلاث

أثار استبعاد رئيس المحكمة العليا القاضي يتسحاق عميت والمستشارة القضائية للحكومة غالي بهاراف-ميارا من المراسم التي حضرها ترامب، أزمة بين السلطات.
وانتقد هرتصوغ بشدة ما وصفه بـ"مساس خطير بمبدأ الفصل بين السلطات".

ورد رئيس الكنيست أمير أوحانا بقوله:

"من المؤسف أن يتوقع من يدوس على الكنيست أن يُدعى ضيف شرف فيها."

كما صعّد وزير العدل ياريف ليفين لهجته، قائلاً إن القاضي عميت "لم يُنتخب بشكل قانوني"، وإن بهاراف-ميارا "أقيلت بقرار حكومي مشروع"، مؤكداً أن "عصر خضوع الحكومة للقضاء قد انتهى".

غضب المعارضة والحركة الاحتجاجية

في المقابل، هاجمت المعارضة الإسرائيلية تصريحات ترامب ومواقف قادة الائتلاف، ووصفتها بأنها "محاولة لهدم ما تبقى من الديمقراطية".
وقال قادة حركة الاحتجاج من أجل الديمقراطية:

"من يدهس السلطة القضائية يدهس الديمقراطية. الكنيست ليست نادياً حزبياً."

القضايا الثلاث التي تلاحق نتنياهو

رئيس الوزراء الإسرائيلي يواجه ثلاث قضايا فساد رئيسية، تُعرف بالأرقام 1000 و2000 و4000، تتضمن اتهامات بالرشوة والاحتيال وخيانة الأمانة:

القضية 4000 (بيزك/واللا):
يُتهم نتنياهو بتقديم امتيازات ضخمة لشركة الاتصالات "بيزك" مقابل تغطية إعلامية إيجابية في موقع "واللا".

القضية 1000 (الهدايا):
يُتهم بتلقي سيجار فخم وشمبانيا ومجوهرات من رجال أعمال أثرياء، مقابل تسهيلات حكومية.

القضية 2000 (يديعوت أحرونوت):
يُتهم بالتفاوض مع ناشر الصحيفة للحصول على تغطية مؤيدة مقابل تشريع يضر بمنافستها "إسرائيل اليوم".

المشهد العام

بين ضغط ترامب من واشنطن، وتزايد الانقسام الداخلي في إسرائيل بين الحكومة والقضاء، تبدو محاكمة نتنياهو أكثر تعقيدًا من أي وقت مضى، وسط تساؤلات حول ما إذا كان العفو الرئاسي سيصبح فعلاً واقعًا سياسيًا أم مجرد ورقة ضغط أمريكية.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
bokra.editor@gmail.com