في لقاء خاص مع موقع "بكرا"، علّق المحلل السياسي د. ثائر أبو راس على الزيارة المرتقبة للرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب إلى روسيا، ومدى إمكانية أن تدفع باتجاه اتفاق سلام بين روسيا وأوكرانيا.

زيارة ترامب إلى روسيا: كسر رمزي للحصار الغربي
زيارة ترامب إلى روسيا مهمة، أولاً من الناحية الرمزية، ولكن أيضاً من الناحية السياسية الفعلية. يعني، على المستوى الرمزي، هذا عمليًا كسر لـ"الحصار الغربي" الذي فرضته دول الغرب - أمريكا الشمالية وأوروبا الغربية - على روسيا مع بدء الحرب على أوكرانيا واحتلالها أجزاء من أوكرانيا. يعني عملياً، الفكرة الغربية كانت أنه إذا قامت الدول الغربية، اللي هي طبعاً الدول الغنية والمتقدمة في العالم، بمحاصرة روسيا وإخراجها من المجتمع الدولي - أو على الأقل من المجتمع الغربي - فهذه الضغوطات ستُعجّل من سقوط بوتين أو على الأقل فشل مشروعه في أوكرانيا.

مكاسب سياسية محتملة لروسيا من الزيارة
وها نحن، بعد ثلاث سنوات، نرى بأن زعيم المعسكر الغربي عملياً سيقوم هو بنفسه بزيارة روسيا، فهذا انتصار رمزي ومعنوي كبير لروسيا. على المستوى الفعلي، هذا يدل على أن الرئيس ترامب جدي في الوصول إلى اتفاقية سلام بين روسيا وأوكرانيا حسب الشروط الروسية. كمان مرة، هنا هذا مهم، لأنه روسيا دائماً كانت مستعدة أن تصل إلى اتفاقية مع أوكرانيا، ولكن كان دائماً لديها شروطها الحُمر، مثل الاعتراف بالقرم، بأن القرم تحت السيادة الروسية، والاعتراف بالسيطرة الروسية على المناطق ذات الأغلبية الروسية داخل أوكرانيا، وما إلى ذلك.

وبوتين وضّح هذه الأمور في لقائه مع ترامب في ألاسكا. فإذا ترامب ذاهب إلى روسيا من دون أن يناقض هذه المواقف الروسية، فهذا عملياً يعني بأن الأمريكيين موافقون على الشروط الروسية، أو على الأقل أنهم لم يجتازوا الخطوط الحُمر الروسية. وهذا أيضاً يُعتبر انتصاراً لبوتين.

الخلاف داخل المعسكر الغربي يعقّد فرص الاتفاق
هل بات الاتفاق وشيكًا بين البلدين؟ شخصياً، لست متأكداً، لأن الدول الأوروبية ما زالت تقف مع أوكرانيا ومع الرئيس زيلينسكي في مواقفه ضد روسيا. طبعاً، كانت الزيارة الشهيرة قبل عدة أيام لزعماء الدول الغربية إلى البيت الأبيض كدعم لزيلينسكي، وكانت رسالة إلى ترامب وإلى الولايات المتحدة بأن الدول الأوروبية غير راضية عن التطورات في الملف الروسي، وبأن أي اتفاقية سلام يجب أن تأخذ بعين الاعتبار سيادة أوكرانيا على كامل الأراضي الأوكرانية.

يعني، من هذه الناحية، سيكون من الصعب الوصول إلى اتفاقية. ولكن، ما هو واضح أن ترامب معني. وإذا أرادت الولايات المتحدة أن تصل إلى اتفاقية مع روسيا، فهذا ممكن أن يُغير الأوراق في المعسكر الغربي، لأنه تبقى أمريكا هي الدولة المركزية هناك. يعني، أمريكا تريد، ولكن الدول الأوروبية لا تريد، وهذا يضعنا في منطقة غير واضحة المعالم، وسيبقى الصراع داخل المعسكر الغربي.

فممكن أن يصلوا إلى اتفاقية، ولكن لا أعتقد بأنها ستكون خلال الأيام أو الأسابيع المقبلة، إلا إذا قامت أوكرانيا بتنازل كبير في الملف الروسي.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
bokra.editor@gmail.com