حملت الأيام الثلاثة الماضية، الجمعة حتى الأحد 25 – 27 يوليو / تموز 2025، أهمية كبيرة لأتباع الجماعة الإسلامية الأحمدية، الذين عقدوا مؤتمرهم السنوي التاسع والخمسين في بريطانيا، المعروف باسم “الجلسة السنوية”، في حديقة المهدي بمدينة آلتون.
الجماعة الإسلامية الأحمدية هي جماعة إسلامية إصلاحية تأسست في الهند أواخر القرن التاسع عشر، وتؤمن بأن مؤسسها، مرزا غلام أحمد القادياني، هو المهدي المنتظر والمسيح الموعود، وتسعى إلى نشر تعاليم الإسلام من خلال الدعوة السلمية والخدمة الإنسانية.
وقد شارك في هذا المؤتمر أكثر من 46000 مسلم أحمدي، جاءوا من مختلف دول العالم، للتأكيد على التزامهم بالقيم الإسلامية الأخلاقية والروحية، وتجديد ولائهم لله ورسوله صلى الله عليه وسلم، وتعزيز روح التضحية والعمل من أجل السلام والإنسانية.
وكان المتحدث الرئيسي في المؤتمر هو الخليفة الخامس للجماعة الإسلامية الأحمدية، حضرة مرزا مسرور أحمد، الذي ألقى أربع خطابات رئيسية، تناول فيها مواضيع عقائدية، واجتماعية، وإنسانية.
في خطابه الأول، تحدث الخليفة عن التحديات الروحانية التي تواجه العالم المعاصر، حيث يسود الانشغال بالماديات والابتعاد عن القيم الإيمانية. واعتبر أن هذا الواقع يستدعي تحقق وعد الله ببعثة الإمام المهدي والمسيح الموعود لتجديد الإيمان وإصلاح حال البشرية. ودعا الخليفة المسلمين الأحمديين إلى بذل أقصى ما بوسعهم لرفع مستوى التقوى في حياتهم، والعمل على تعزيز العلاقة بين الإنسان وخالقه، ونشر القيم الإسلامية السلمية في أنحاء العالم، بروح التضحية والإخلاص.
وفي خطابه الثاني، ركز على مكانة المرأة في الإسلام، مبينًا كيف منحها الإسلام حقوقًا وكرامة، ومنتقدًا الأصوات التي تسعى إلى زعزعة ثقة المسلمات بدينهن عبر تهم وشبهات باطلة. كما شجع المسلمات الأحمديات على الاقتداء بالصحابيات الكريمات في حرصهن على إحراز أعلى معايير التقوى والارتقاء الروحاني.
وكان من بين أبرز الخطابات، الخطاب الذي عرض فيه الخليفة إنجازات الجماعة خلال السنة الماضية، ومنها:
• 134 مسجدًا جديدًا؛ جزء منها تم بناؤه والبعض منها تم نقل ملكيته للجماعة بعد بيعة الأهالي وأئمتهم.
• إصدار المجلد الأول من الترجمة الإنجليزية لصحيح البخاري مع الشرح.
• توزيع كتب إسلامية على أكثر من 8.5 مليون شخص حول العالم.
• إهداء أكثر من 1753 نسخة من القرآن الكريم بترجمات متعددة.
• ترجمة 4 كتب جديدة إلى اللغة العربية، ليصبح عدد الكتب المتوفرة بالعربية 192 كتابًا.
• بث أكثر من 8700 ساعة من البرامج الإسلامية عبر إذاعة الجماعة “صوت الإسلام”.
• تقديم خدمات طبية لأكثر من 500 ألف شخص ضمن مبادرة “نصرة جهان” في إفريقيا.
• علاج مجاني لأكثر من 259 ألف مريض، بالإضافة إلى علاج 882 ألف مريض عبر منظمة “الإنسانية أولًا”.
• تقديم تبرعات إنسانية تجاوزت 600 ألف دولار لصالح أكثر من 50 جمعية خيرية.
كما أعلن عن انضمام نحو ربع مليون شخص جديد إلى الجماعة خلال العام الماضي.
البيعة العالمية: لحظة روحانية جامعة
ومن أبرز مشاهد الجلسة، فقرة البيعة العالمية التي أُقيمت صباح يوم الأحد، حيث قاد الخليفة مرزا مسرور أحمد ملايين الأحمديين حول العالم في تجديد رمزي لعهد الولاء والطاعة لله تعالى ولتعاليم الإسلام. وضع الحاضرون أيديهم متصلةً بشكل رمزي، بينما وضع كبار مسؤولي الجماعة والمبايعين الجدد أيديهم مباشرة تحت يد الخليفة، وردد الجميع عبارات العهد خلفه.
يُشارك في هذه البيعة المسلمون الأحمديون من مختلف دول العالم عبر البث المباشر، في مشهد يعبر عن وحدة الجماعة والتزامها بالنهج السلمي والتقوى وخدمة الإنسانية، ويُعد هذا الحدث أحد أكثر اللحظات تأثيرًا في الجلسة السنوية.
في خطابه الختامي، تطرق الخليفة إلى نتائج استطلاع حديث في بريطانيا أظهر تزايد مشاعر الاستياء من وجود المهاجرين المسلمين، معتبرًا أن السبب يعود إلى ممارسات بعض المتطرفين الذين يسيئون تمثيل الإسلام.
وأشار إلى أن الجماعة الإسلامية الأحمدية ترى أن هذا العصر هو الزمن الذي وصفته النصوص الإسلامية بـ”آخر الزمان”، وتؤمن بأن مرزا غلام أحمد هو الشخص الذي بعثه الله لتجديد الدين وتوضيح حقيقته للعالم. واستشهد بعدد من الآيات والأحاديث والتفسيرات التي تعتمدها الجماعة في دعم هذا المعتقد.
وقد تخللت الجلسة كلمات لضيوف وعلماء من مختلف أنحاء العالم، كما تمت قراءة رسالة تهنئة من الملك تشارلز الثالث، ملك المملكة المتحدة، إلى الخليفة وأفراد الجماعة، بمناسبة انعقاد هذا المؤتمر السنوي الذي يُعد أكبر التجمعات الإسلامية في بريطانيا.
واختُتمت فعاليات الجلسة بمشهد مؤثر، حيث ودّع آلاف المشاركين خليفتهم بذكر الله والتكبيرات والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، وسط مشاعر مؤثرة من الحب والارتباط الروحاني.
bokra.editor@gmail.com
أضف تعليق