في تعقيبه على الأحداث في السويداء قال د. علي الاعور المختص في حل النزاعات الإقليمية والدولية في جامعة "بن غوريون" لموقع بكرا أن "الساحة السورية شهدت قبل سقوط نظام الأسد وبعده، وفي عهد الحكومة الجديدة برئاسة الشرع، عشرات الهجمات الإسرائيلية على دمشق وحمص ودرعا، وعلى ثكنات الجيش السوري".
وأشار الى أن إسرائيل قامت بتدمير العديد من المواقع العسكرية، وفي الأيام الأخيرة قصفت مخازن ومستودعات وصفتها بأنها تحتوي على أطنان من الذخيرة والأسلحة والصواريخ.
وأكد د. الأعور أن قضية السويداء تبرز مجددا أمام العالم، حيث تشهد تطورات كبيرة. مشيرا الى أن سياسة نتنياهو والجيش الإسرائيلي تهدف إلى السيطرة على دول الجوار، سواء بالقوة العسكرية أو من خلال اتفاقيات التطبيع.
وأوضح أن سوريا، على الأقل في هذه المرحلة، ليست جزءًا من هذه الاتفاقيات، رغم مؤشرات تفيد بأن الشرع زار السعودية، وترامب زار الإمارات وغير ذلك.
مرحلة التنمية والاعمار
وأضاف رغم ذلك، لا تزال الحكومة السورية الجديدة برئاسة الشرع تفضل التركيز على مرحلة إعادة الإعمار والتنمية، لتعويض ما دمره عهد بشار الأسد موضحا أن ما يجري في السويداء من اشتباكات وقتل ومجازر يخدم، المصالح الإسرائيلية، التي تستغل هذه الأحداث لبناء وجود لها داخل السويداء.
وأوضح د. الاعور أن إسرائيل لم تتخذ قرارا واضحا بعد بشأن التدخل في السويداء؛ فهناك تيار يؤيد التدخل المباشر، وآخر يرفض ذلك مع العلم أن المسافة بين السويداء والحدود السورية الإسرائيلية لا تتجاوز 70 كم.
وأكد أن إسرائيل لا تهتم بالأقليات، بل تهتم فقط بمصالحها الاستراتيجية والعسكرية، مستدلا بقصفها للكنيسة الكاثوليكية والمناطق المسيحية في غزة.
وبحسب الاعور، ترى إسرائيل أن جنوب سوريا قد يتحول إلى مقر للجماعات المسلحة الإسلامية، وربما إلى قاعدة مقاومة مستقبلية ضدها، ولهذا تسعى للسيطرة على هذه المنطقة عسكريا واستراتيجيا.
الاخوة والتسامح
وشدد على أن تدخل إسرائيل في السويداء لا يخدم المجتمع السوري ولا الجبهة السورية، فالدروز في السويداء جزء أصيل من الدولة والمجتمع السوري، ويجب الحفاظ على روح الأخوة والتسامح والسلم الأهلي فيها، ومنع الفتنة من الانتشار.
وتساءل: "ماذا تريد إسرائيل من السويداء؟ وماذا تريد من دمشق؟" مشيرا إلى أن إسرائيل تحتل حاليًا نحو 424 كم مربع بعد اتفاق فك الاشتباك عام 1974، وتتطلع الآن إلى درعا والسويداء وجنوب سوريا، معتبرة هذه المناطق مصدر تهديد لها.
ودعا د. الاعور إسرائيل إلى إعادة حساباتها، موضحا أن الجماعات الإسلامية المسلحة ليست كلها تحت قيادة الشرع، وقد تتحول إلى جبهة مقاومة ضد التواجد الإسرائيلي في الجولان، بل وقد تصل إلى طبريا. فالقوة، لا تعني السيادة، ولا تعني السيطرة الكاملة.
وأكد أن الدولة السورية الجديدة غير معنية بالصدام مع إسرائيل في هذه المرحلة، إذ تركز على إعادة البناء والتنمية، وأن من واجب الحكومة السورية الجديدة توفير الأمن والنظام في السويداء والحفاظ على النسيج الاجتماعي السوري.
القوة لا تجلب الأمن
ويرى الأعور أن على إسرائيل عدم التدخل في الشأن السوري، وسحب قواتها من هناك، لأن الغطرسة والقوة العسكرية لن تجلب لها الأمن.
وأضاف أن حسابات نتنياهو، سواء تجاه سوريا أو غزة أو لبنان، خاطئة، ويجب أن تعيد إسرائيل التفكير في سياستها، خصوصا أن الجماعات الإسلامية قد تصل بالفعل إلى الجولان وطبريا.
ووجه د. الاعور رسالة إلى أهالي السويداء مفادها أن الاعتماد على إسرائيل لن يوفر الأمن، بل إن السلم الأهلي والتكافل الاجتماعي هما الضمانة الوحيدة لذلك.
bokra.editor@gmail.com
أضف تعليق