في مقابلة مع موقع "بكرا"، تناول الدكتور جمال زحالقة، الكاتب والباحث الفلسطيني، أبعاد زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الأخيرة إلى واشنطن، حيث التقى الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب. وأشار زحالقة إلى أن هذه الزيارة، التي كانت من المفترض أن تكون استعراضية للاحتفال بـ"النصر على إيران"، تحولت إلى محاولة يائسة لتسويق وهم سياسي واستراتيجي جديد.

وقال زحالقة: "الادعاء بأن إسرائيل حققت انتصارًا على إيران لا يصمد أمام أي فحص جدي، فكل التقارير الأميركية والأوروبية وحتى الإسرائيلية تؤكد أن إيران لا تزال تملك القدرة على استئناف مشروعها النووي متى شاءت. ولذلك، تم الاستغناء عن مؤتمر صحافي مشترك، واقتصر اللقاء على تصريحات مقتضبة".

وأضاف: "نتنياهو يحاول إقناع الإدارة الأميركية بأن ما جرى هو فقط الجولة الأولى من معركة يجب أن تُستكمل، وبأن الفرصة مواتية لتوسيع اتفاقيات التطبيع وإعادة تشكيل المنطقة وفق منطق تكون فيه إسرائيل مركز الشرق الأوسط الجديد".

"صفقة مؤقتة في غزة… ونتنياهو يروّج لحكم عسكري"

وحول الملف الفلسطيني، أوضح زحالقة أن المداولات بين ترامب ونتنياهو شملت مسألة وقف إطلاق النار المؤقت في غزة، والذي من المتوقع أن يمتد 60 يومًا ويشمل تبادل أسرى ومفاوضات حول ترتيبات "اليوم التالي".

وأوضح زحالقة أن من بين أبرز نقاط الخلاف في المفاوضات غير المباشرة، مسألة الانسحاب الإسرائيلي من محور "موراغ" جنوب غزة، والذي تحاول إسرائيل استخدامه كورقة مساومة في صفقة التبادل.

وأشار إلى أن أحد أهداف نتنياهو في هذه المرحلة هو استقطاب "اليمين الرخو" في إسرائيل، أي التيارات التي تطالب بعودة المحتجزين بأي ثمن، مشيرًا إلى أن نتنياهو بدأ بالفعل حملته الانتخابية من خلال استعراض مواقف تصعيدية.

وأضاف زحالقة: "نتنياهو لم يكتفِ بالحديث عن هدنة، بل روّج أيضًا لفكرة احتلال شامل مؤقت لغزة، وتحديدًا لمدينة رفح، حيث تخطط إسرائيل لإقامة ما يسمى بـ'المدينة الإنسانية'، كمقدمة لفرض واقع جديد، بل وتهجير السكان إلى دولة ثالثة وفقًا لخطة ترامب، التي قوبلت برفض مصري قاطع".

"استراتيجية الركيزة الإقليمية... والهيمنة عبر التفكيك"

وتطرّق د. زحالقة إلى الخلفية الفكرية التي يستند إليها نتنياهو، خاصة عبر التنظيرات التي يطرحها البروفيسور يورام حازوني، أحد أبرز رموز اليمين الجديد في إسرائيل، والذي يدعو إلى تبني استراتيجية "الركيزة الإقليمية"، حيث تُصبح إسرائيل الدولة التي تعتمد عليها واشنطن في الشرق الأوسط مقابل انسحابها من التدخل المباشر.

وأوضح زحالقة أن هذه النظرية تذهب إلى أبعد من ذلك، بدعوتها إلى تفكيك الدولة الإيرانية نفسها، وليس فقط إسقاط نظامها، باعتبارها تهديدًا بنيويًا لمكانة إسرائيل في المنطقة.

"اليوم التالي الأمريكي... غزة بين إعادة الإعمار وفرض الشروط"

وفيما يتعلق بالموقف الأمريكي من اليوم التالي للحرب في غزة، أشار زحالقة إلى أن واشنطن تتبنى خطوطًا عامة، أبرزها:
وقف شامل لإطلاق النار.

تبادل الأسرى بالكامل.

بقاء إسرائيلي في "الشريط الأمني" المحيط بالقطاع.

إدارة تكنوقراطية مستقلة لقطاع غزة بدعم ورعاية مصرية.

عدم مشاركة حماس في الحكم، وإجلاء بعض قياداتها.

فتح الباب أمام الهجرة الطوعية.

ربط إعادة الإعمار بنزع سلاح غزة.

توفير تمويل ضخم لإعادة الإعمار.

اتفاق أمني يسمح بتدخل إسرائيلي مستقبلي وفق تفاهمات أميركية – إسرائيلية.

وشدّد زحالقة على أن هذه الرؤية الأميركية لا تعني انتهاء الحرب، فنتنياهو يعارض أي ترتيبات لا تشمل القضاء الكامل على حماس. وقال: "واشنطن قد تمتلك خطة لليوم التالي، لكنها لن تفرضها على إسرائيل، لذلك لا يمكن القول إن الحرب أوشكت على نهايتها، فنتنياهو لديه نوايا مغايرة".

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
bokra.editor@gmail.com