بقلم: معين أبو عبيد – شفاعمرو

في حياتنا المعقّدة والمركّبة، كثيرًا ما نرتدي أقنعة لإرضاء الآخرين أو لمجاراة المجتمع، لكن الحقيقة تظهر عندما تسقط هذه الأقنعة.

بدوري، أكره حين أصمت فتخرج الكلمات من عيني. كل إنسان يعطي من أخلاقه ومخزونه الداخلي، ففي نظري لا أهمية ولا وزن للتاريخ، لأنه وكر للكذب والخداع، وأرض خصبة للأقنعة والتلوّن ونكران الجميل.

تحدث أشياء مؤلمة تجاوزت كل الخطوط، وفي نظري لا شيء يؤلم أكثر من سقوط قناع طالما ظنناه يومًا وجهًا حقيقيًا.

لمثل هذه الأمور أبعاد، مفاهيم، انعكاسات، ونتائج لا تُحصى ولا تُعد، تؤكد أن على الإنسان ألا يهتم بمن يكون معه إيجابيًا وداعمًا في البداية، بل عليه أن يهتم بمن يبقى معه حتى نهاية الطريق، ففي البداية يكون الجميع إيجابيين وداعمين!

قال جبران خليل جبران:

"لو رأيت المجتمع ضدك، والكل يمشي عكسك، فامشِ وراء قلبك ومبادئك، حتى وإن أصبحت وحيدًا، فالوحدة أفضل من أن تعيش عكس نفسك لإرضاء غيرك."

باعتقادي، ما تقدّم يؤكد أننا – وللأسف – نعيش في زمن تفاقمت فيه ظاهرة الأقنعة الزائفة، التي تفشّت وانتشرت بين طبقات المجتمع كافة، بمختلف أطيافه ومستوياته، بحيث يتحدث كلٌّ منّا ويكتب بكل مهنية وشفافية وانسجام، بلغة مؤثرة وجذابة، محاولًا من خلالها أن يتجمّل بأنه المحب، الداعم، المساند، والمخلص، رغم أن الحقيقة واضحة وضوح الشمس وتثبت العكس.

إذ إن الهدف – وللأسف – هو الترصّد المتعمّد لإلحاق الضرر، لغاية في نفس يعقوب.

كم هو عارٌ علينا أن نتجرّد من الإنسانية، ومن أبسط أنواع القيم والضمير، فأُشعلت في قلوب البعض نيران الحيرة، وعاش النبض بين دخان الهلاك، محاولًا البحث عبثًا عن شاطئ الأمان والعدالة المفقودة، فلا مكان نرسو فيه بأرواحنا وآمالنا وتطلعاتنا، وكأننا نبحث عن المستحيل خلف الأفق البعيد.

أيها الإنسان، حاضرك هو حصيلة إنجازات عديدة أنجزتها في الماضي، ومستقبلك هو سلّم للتباهي بهذه الإنجازات. وما بين الماضي والحاضر، تاريخ تحكمه عالم الأقنعة الزائفة، وما بين الحاضر والمستقبل، علمٌ افتراضي مستوحى من تاريخ الماضي.

للخلاصة: علينا أن نعيش بصدق مع أنفسنا، فالحياة بقناع مزيف متعبة جدًا، والراحة الحقيقية تكمن في أن تكون كما أنت، تتقبّل نفسك بكل صفاتك، وتفتخر بأفكارك وقناعاتك، دون أن تتأثر بآراء الآخرين، وإياك أن تحاول تقليدهم.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
bokra.editor@gmail.com