قال الباحث الأكاديمي والمحلل السياسي اللبناني الدكتور احمد يونس لموقع بكرا ان الادارة الامريكية تُظهر، في خطابها السياسي وتحركاتها الدبلوماسية، أنها تسعى إلى تجنب الانزلاق نحو مواجهة إقليمية شاملة مع إيران، وتُروّج لرغبتها في احتواء التصعيد والحفاظ على الاستقرار الإقليمي.

وأضاف أن التحليل العميق للمواقف الأميركية يُظهر أن هذه الرغبة ليست بالضرورة مرادفة للبحث عن حل سلمي حقيقي، بل هي في كثير من الأحيان محاولة لإدارة الأزمة بما يضمن استمرار الضغط على إيران دون تجاوز عتبة الحرب المفتوحة.

وجاءت تصريحات د. يونس ردا على سؤال لبكرا حول ما اذا كانت الإدارة الأمريكية تبحث فعلا عن حل سلمي ام انها تهدف لدفع ايران الي مفاوضات من موقف الضعف.

واكد د. يونس ان الهدف الأميركي الأساسي لا يتمثل في الوصول إلى تسوية عادلة أو متوازنة، بل في دفع طهران إلى طاولة المفاوضات وهي في موقع ضعيف، بعد إنهاكها سياسياً وأمنياً واقتصادياً.

واشار الى ان هذه المقاربة تعتمد على "تكتيك الحافة"، حيث تدفع واشنطن بالأزمة إلى أقصى درجات التوتر، لكنها تمسك في الوقت نفسه بخيوط التصعيد، فتدعم العمليات الإسرائيلية ضمن حدود محسوبة، وتُبقي على التواصل مع الحلفاء الإقليميين والدوليين لتفادي الانفجار الكامل. وهو تكتيك اعتبره يونس لا يستند إلى نوايا سلمية بقدر ما يستند إلى موازين ردع واستنزاف، هدفها خلق معادلة تفاوضية تكون فيها اليد العليا لواشنطن وتل أبيب.

ويرى المحلل اللبناني أن الولايات المتحدة، ومن خلال هذا السلوك، لا تظهر استعدادًا لتقديم ضمانات أمنية متبادلة أو الدخول في ترتيبات دبلوماسية متكافئة. لافتا ان المواقف العلنية حول تفهم الهجمات الإسرائيلية تترافق مع ضغوط خفية على طهران، سواء من خلال العقوبات أو عبر تقويض المسارات الدبلوماسية السابقة المتعلقة بالاتفاق النووي.

واضاف د. يونس أن استمرار واشنطن في دعم إسرائيل عسكريًا واستخباراتيًا، دون ربط ذلك بإطار تفاوضي جاد، يكشف عن غياب حقيقي لأي مبادرة سلام ذات مغزى.

في هذا السياق، اكد يونس ان واشنطن تسعى إلى إبقاء إيران في حالة رد فعل دائم ، دون تمكينها من المبادرة أو استعادة زمام التفاوض بنديّة. ولذلك فإن كل حديث عن حل سلمي يبقى مرهونًا بشروط أميركية مسبقة، تعني فعليًا نزع أوراق القوة من يد طهران قبل أي حوار، بما في ذلك برنامجها النووي، ودورها الإقليمي، وعلاقاتها مع القوى الحليفة. مؤكد ان هذه الشروط، في حال تم فرضها، تفرغ أي مفاوضات مستقبلية من مضمونها السيادي بالنسبة لإيران، وتحوّلها إلى عملية إذعان ناعمة أكثر منها عملية تسوية عادلة.

من هذا المنطلق، خلص د. يونس الى القول أن الإدارة الأميركية لا تسعى إلى حل سلمي حقيقي، بل إلى إدارة صراع طويل المدى يهدف إلى إنهاك إيران سياسيًا واقتصاديًا، ودفعها لاحقًا إلى التفاوض من موقع الخسارة، لا من موقع التكافؤ.

وأضاف تبقى هذه المقاربة محفوفة بالمخاطر، إذ أن المراهنة على إضعاف طهران دون انفجار الوضع الإقليمي هي مراهنة محفوفة بالخطأ في الحسابات، خصوصًا في ظل تزايد الأطراف الفاعلة في المشهد، واتساع نطاق التوترات، وتقلص هامش المناورة أمام الجميع.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
bokra.editor@gmail.com